فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّتِي كَانَ لاَ يَقْسِمُ لَهَا مِنْ نِسَائِهِ التِّسْعِ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ مَنْ هِيَ مِنْهُمْ؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّتِي كَانَ لاَ يَقْسِمُ لَهَا مِنْ نِسَائِهِ التِّسْعِ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ مَنْ هِيَ مِنْهُمْ‏؟‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَضَرْت جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ هَذِهِ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فُلاَنَةُ فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا وَارْفُقُوا بِهَا فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعٌ فَكَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ‏,‏ وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ وَاَلَّتِي لاَ يَقْسِمُ لَهَا صَفِيَّةُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قَدْ كَانَ أَشْكَلَ عَلَيَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ لَمْ يَكُنْ يَقْسِمُ لِصَفِيَّةَ حَتَّى سَأَلْت عَنْهُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ فَمَا وَجَدْت عِنْدَهُمْ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى وَقَفْت أَنَا عَلَى أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ غَلِطَ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَقْسِمُ لَهَا مِنْ نِسَائِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهَا صَفِيَّةُ وَلَمْ تَكُنْ صَفِيَّةَ وَلَكِنَّهَا سَوْدَةُ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ ثَنِيّ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ تِسْعَةُ نِسْوَةٍ يُصِيبُهُنَّ إِلاَّ سَوْدَةَ فَإِنَّهَا وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ رضي الله عنهن جَمِيعًا فَوَقَفْت بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَ لاَ يَقْسِمُ لَهَا إنَّمَا كَانَتْ سَوْدَةَ وَأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ مِنْهُ بِطِيبِ نَفْسِهَا وَبِتَحْوِيلِهَا عَنْهَا إلَى عَائِشَةَ وَكَانَ ذَلِكَ الأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ تَرْكُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَهَا عَلَيْهِ إذْ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ صلى الله عليه وسلم الْعَدْلُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَتَوْفِيَتُهُنَّ حُقُوقَهُنَّ مِنْ نَفْسِهِ وَتَحْذِيرُهُ أُمَّتَهُ مِنْ خِلاَفِ ذَلِكَ مِنْ الْمَيْلِ إلَى بَعْضِ نِسَائِهِمْ دُونَ بَعْضٍ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا عَلَى الآُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ‏,‏ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى النَّاسِ بِتَرْكِهِ لِمَا يَنْهَى عَنْهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ لِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الزَّوْجَةِ الَّتِي كَانَ لاَ يَقْسِمُ لَهَا صلى الله عليه وسلم مَنْ هِيَ‏؟‏ وَالسَّبَبُ الَّذِي كَانَ لاَ يَقْسِمُ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ مَا هُوَ‏؟‏ وَأَنَّ ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ لاَ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هِبَةِ سَوْدَةَ لَهَا يَوْمَهَا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْسِمُ لَهَا بِيَوْمِهَا وَبِالْيَوْمِ الَّذِي وَهَبَتْهُ سَوْدَةُ لَهَا‏,‏ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ سَوْدَةَ ابْنَةَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ إلَى آخِرِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقِبْطِ مِصْرَ وَإِخْبَارُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عُمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ سَمِعْت أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْت أَخَوَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَهُمَا يَقْتَتِلاَنِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا‏,‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُهُ أَنَّ لَهُمْ رَحِمًا فَطَلَبْنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي تِلْكَ الرَّحِمِ مَا هِيَ فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنْ دَخَلْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِقِبْطِ مِصْرَ خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَيْضًا‏,‏ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ أُمَّ إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مِنْهُمْ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الرَّحِمَ الَّتِي ذَكَرَهَا صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا مِنْ قِبَلِ هَاجَرَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الذِّمَّةِ الَّتِي ذَكَرَ لَهُمْ وَهُمْ حِينَئِذٍ أَهْلُ حَرْبٍ لاَ ذِمَّةَ لَهُمْ‏؟‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ أَنَّ الذِّمَّةَ الَّتِي أَرَادَهَا صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ هِيَ الْحَقُّ لَهُمْ بِرَحِمِهِمْ‏,‏ فَكَانَ ذَلِكَ زِمَامًا لَهُمْ تَجِبُ رِعَايَتُهُ لَهُمْ كَمِثْلِ مَا قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلًّا وَلاَ ذِمَّةً‏}‏ قَالَ الذِّمَّةَ هَاهُنَا هِيَ التَّذَمُّمُ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى التَّيْمِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلًّا وَلاَ ذِمَّةً‏}‏‏,‏ قَالَ الذِّمَّةَ هَاهُنَا مِنْ التَّذَمُّمِ‏,‏ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيَانِ مُشْكِلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ‏}

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر الْكَرْمَانِيُّ عَنْ إسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ‏}‏‏,‏ قَالَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَسْلَمُوا فَأَبَى أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ يُهَاجِرُوا فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَرَأَوْا النَّاسَ قَدْ تَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ هَمُّوا أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ إسْرَائِيلَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏,‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْوَجْهُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي بِهِ كَانَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَمِنْ أَوْلاَدِهِمْ عَدُوًّا لَهُمْ وَأَنَّ مَنْعَهُ إيَّاهُمْ كَانَ مِنْ الْهِجْرَةِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَكُونُوا كَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَبَقَهُمْ بِالْهِجْرَةِ حَتَّى نَالَ بِهَا الْفِقْهَ فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنْهُمْ وَالْغُفْرَانِ لَهُمْ لَمَّا هَمُّوا بِعُقُوبَاتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ إذْ كَانَتْ عُقُوبَاتٌ لاَ يَسْتَدْرِكُونَ بِهَا شَيْئًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِ أَنْ لاَ يُطِيعُوا زَوْجًا وَلاَ وَلَدًا فِي صَدٍّ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ‏,‏ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَنْ حَاوَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَدُوٌّ لَهُمْ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إقَالَةِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدِينِيُّ مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَقُولُ قَالَتْ عَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ قَالَ وَقَضَى بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ رضي الله عنه شَجَّ رَجُلاً وَضَرَبَهُ فَأَرْسَلَهُ وَقَالَ أَنْتَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى الْعُمَرِيِّينَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي إرْسَالِهِ الْعُمَرِيَّ‏,‏ وَفِي قَوْلِهِ لَهُ مَا قَالَهُ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ يَقُولُ قَالَتْ عَمْرَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ زَلَّاتِهِمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآثَارَ فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا تَرْجِعُ إلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ رَجُلٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ قَالَتْ عَمْرَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَةِ زَلَّاتِهِمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مَالِكٌ وَأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ لاَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما‏,‏ ثُمَّ وَجَدْنَا نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَةِ عَثَرَاتِهِمْ‏,‏ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَكَانَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ أَبُو الرِّجَالِ‏.‏

وَقَدْ خَالَفَ يَحْيَى هَذَا فِيهِ أَبُو عَامِرٍ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَسَدُ بْنُ مُوسَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْحَجَبِيُّ فَذَكَرُوا أَنَّهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَأَرْبَعَةٌ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ‏,‏ فَوَجَدْنَا فَهْدًا وَابْنَ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا قَالاَ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ‏.‏

‏(‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ مِنْ رِوَايَةِ الْعَطَّافِ إيَّاهُ عَنْهُ وَلَمْ نَسْمَعْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا ذِكْرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ‏,‏‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ اسْتَأْدَى عَلَيَّ مَوْلًى لِي جَرَحْتُهُ يُقَالُ لَهُ سَلَّامٌ الْبَرْبَرِيُّ إلَى ابْنِ حَزْمٍ فَأَتَانِي فَقَالَ جَرَحْتَهُ فَقُلْت نَعَمْ فَقَالَ سَمِعْت مِنْ خَالَتِي عَمْرَةَ تَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ وَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَنَظَرْنَا هَلْ خُولِفَ ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَمْ لاَ فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْن عِيسَى الْقَزَّازُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ‏,‏ فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ مَعْنَ بْنَ عِيسَى قَدْ خَالَفَ ابْنَ أَبِي الرِّجَالِ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ مَقْطُوعًا مَوْقُوفًا عَلَى عَمْرَةَ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الشَّيْخِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ‏.‏

فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوَيْد بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى قَطْعِ ابْنِ الْمُبَارَكِ إيَّاهُ وَعَلَى مُوَافَقَتِهِ فِيهِ مَعْنَ بْنَ عِيسَى وَعَلَى مُخَالَفَتِهِ فِيهِ ابْنَ أَبِي الرِّجَالِ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ‏؟‏ فَوَجَدْنَا يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى وَمُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ جَمِيعًا قَدْ حَدَّثَانَا قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ طَلَبْنَا الْوُقُوفَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا مَنْ هُوَ فَوَجَدْنَاهُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ زَيْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ دُحَيْمٌ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا غَيْرُ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلاَّ الْحُدُودَ‏,‏ فَوَقَفْنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَيْدٍ هَذَا فَصَارَ عَنْ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَنْهُ وَقَوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي قُلُوبِنَا وَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَعْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ جَعَلُوا الْمُرَادِينَ بِالتَّجَافِي عَنْ تِلْكَ الزَّلَّاتِ الأَئِمَّةَ وَجَعَلُوهُمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّجَافِي عَنْهَا عَنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَوِي الْهَيْئَةِ فَوَجَدْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيَّ أَبَا عَلِيٍّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَجَافَوْا عَنْ عُقُوبَةِ ذَوِي الْمُرُوَّةِ هُمْ ذَوُو الصَّلاَحِ‏,‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ ذَوِي الْهَيْئَةِ فِي الآثَارِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُمْ هُمْ ذَوُو الصَّلاَحِ لاَ مَنْ سِوَاهُمْ‏,‏ ثُمَّ طَلَبْنَا مَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِينَ بِذَلِكَ الأَمْرِ فَوَجَدْنَا مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّهُمْ الأَئِمَّةُ الَّذِينَ إلَيْهِمْ إقَامَةُ الْعُقُوبَاتِ عَلَى الذُّنُوبِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَمْتَثِلُوا ذَلِكَ فِيمَنْ أَتَاهَا إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُحْكَ فِيهِ خِلاَفٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رحمه الله مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا كَمَا حَكَاهُ لَنَا الرَّبِيعُ عَنْهُ سَمَاعًا أَوْ إجَازَةً مِنْهُ لَنَا فِيمَا ذَكَرَهُ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ‏,‏ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ كَانَ يَدْفَعُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله كَمَا ذَكَرَ عَنْهُ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ إنْكَارِهِ هَذَا الْحَدِيثَ‏,‏ وَمِنْ نَفْيِهِ إيَّاهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا نَحْنُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلاً أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُونَ بِالأَمْرِ بِالتَّجَافِي عَنْ زَلَّاتِ الْمَوْصُوفِينَ فِيهِ هُمْ الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمْ الْمُطَالَبَاتُ بِالْعُقُوبَاتِ عَنْ الآدَابِ الْوَاجِبَةِ بِتِلْكَ الزَّلَّاتِ عَنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ إذْ كَانَتْ لَيْسَتْ لَهُمْ خُلُقًا وَلاَ عَادَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ لَهُمْ هَفْوَةً فَكَانَ الأَحْسَنُ بِهِمْ الصَّفْحَ عَنْهَا لَهُمْ وَتَرْكَ حُقُوقِهِمْ فِيهَا عَنْهُمْ كَمَا لَهُمْ أَنْ يَعْفُوا عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهِمْ سِوَاهَا إِلاَّ الأَئِمَّةَ الَّذِينَ لَيْسَتْ تِلْكَ الْحُقُوقُ لَهُمْ فَيُؤْمَرُونَ بِالتَّجَافِي عَنْهَا‏,‏ وَقَدْ شَدَّ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ أَبُو الأَشْهَبِ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَازِبٍ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ وَأَمْوَالَكُمْ وَكَانَ مَا وَجَبَ مِنْ الْحُقُوقِ فِي الأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ وَفِي الدِّمَاءِ الْمُحَرَّمَةِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْعَفْوَ عَنْهَا إلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمْ لاَ إلَى الأَئِمَّةِ الَّذِينَ يُقِيمُونَهَا لَهُمْ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحُقُوقُ فِي الأَعْرَاضِ إنَّمَا هِيَ التَّجَافِي عَنْهَا‏,‏ وَالْعَفْوُ عَنْهَا هِيَ إلَى أَهْلِهَا الَّذِينَ يَأْخُذُهَا الأَئِمَّةُ لَهُمْ لاَ إلَى الأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَهَا لَهُمْ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ إِلاَّ الْحُدُودَ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِالتَّجَافِي عَنْهُ وَالصَّفْحِ عَمَّنْ كَانَ مِنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْهَفَوَاتِ وَمِنْ الزَّلَّاتِ إنَّمَا هُوَ عَمَّنْ مَعَهُ الْمُرُوءَةُ أَوْ الْهَيْئَةُ الَّذِينَ لَمْ يُخْرِجْهُمْ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ الزَّلَّاتِ وَالْهَفَوَاتِ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُرُوءَاتِ وَمِنْ الْهَيْئَاتِ الَّتِي هِيَ الصَّلاَحُ فَاسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ التَّجَافِيَ لَهُمْ‏,‏ وَالْعَفْوَ عَنْهُمْ فَأَمَّا مَنْ أَتَى مَا يُوجِبُ حَدًّا إمَّا قَذْفًا لِمُحْصَنَةٍ‏,‏ أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الْحُدُودَ فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَتَجَافَى عَنْ زَلَّاتِ أَهْلِهِ وَصَارَ بِذَلِكَ فَاسِقًا رَاكِبًا لِلْكَبَائِرِ الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَ وَعِيدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِرَاكِبِيهَا بِالْعُقُوبَاتِ عَلَيْهَا‏,‏ وَإِلْزَامُ الْفِسْقِ إيَّاهُمْ لأَجْلِهَا وَإِسْقَاطُ الْعَدْلِ مِنْ الشَّهَادَاتِ مِنْهُمْ لَهَا وَمَنْ صَارَ كَذَلِكَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الأَئِمَّةِ التَّعْزِيرَ فِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَوِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُمْ فِيهِ إقَامَةَ عُقُوبَاتِهِمْ عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِرًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ عَنْ إتْيَانِ مِثْلِ ذَلِكَ وَالْمُعَاوَدَةِ لَهُ وَلِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ لِمَا يُوجِبُ تَفْسِيقَ مَنْ يَجِبُ تَفْسِيقُهُ مِنْهُمْ حَتَّى لاَ تُقْبَلَ لَهُمْ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا تَصَدَّقَ بِرِدَائِهِ عَلَى سَارِقِهِ مِنْهُ بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِهِ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ جَاءَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ سَرَقَ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ الرَّجُلُ‏,‏ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْطَعَ فَقَالَ صَفْوَانُ فِي هَذَا يُقْطَعُ‏؟‏ قَالَ فَهَلَّا قُلْت هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي قَالَ فَإِنْ أَنْكَرَ مُنْكِرٌ احْتِجَاجَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ لِمَكَانِ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ قِيلَ لَهُ إنَّ أَشْعَثَ لَيْسَ بِمَتْرُوكِ الْحَدِيثِ‏,‏ وَمَا تَخَلَّفَ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي زَمَنِهِ حَتَّى حَدَّثَ عَنْهُ مِنْهُمْ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ‏,‏ وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ وَهُوَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَلَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ قَالَ سُفْيَانُ أَشْعَثُ أَثْبَتُ عِنْدِي مِنْ مُجَالِدٍ وَهَذِهِ رُتْبَةٌ جَلِيلَةٌ‏,‏‏.‏

وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدِينَةَ فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَأَخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ‏,‏ فَقَالَ صَفْوَانُ إنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ قَالَ هَكَذَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَكْثَرُ النَّاسِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَالِكٍ‏,‏ وَقَدْ رَوَاهُ شَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ عَنْهُ بِخِلاَفِ هَذَا الإِسْنَادِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَّابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قِيلَ لَهُ إنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قِيلَ لِي إنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَتْ الْهِجْرَةُ اذْهَبْ إلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ فَنَامَ صَفْوَانُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَافَقَ شَبَّابَةُ عَلَى هَذَا الإِسْنَادِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ وَإِذَا كَانَ إسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرْنَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ وَسَمِعَهُ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا كَمَا يَفْعَلُ فِي أَحَادِيثِهِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ يُحَدِّثُ عَنْهُ‏,‏ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ أَفَيَتَهَيَّأُ فِي سِنِّهِ لِقَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قِيلَ لَهُ نَعَمْ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَنْكَرٍ‏;‏ لأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ قُتِلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ‏,‏ وَالزُّهْرِيُّ يَوْمَئِذٍ سِنُّهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً‏;‏ لأَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَهِيَ سَنَةُ إحْدَى وَسِتِّينَ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قِيلَ لَهُ مَا نَعْلَمُ لِصَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ ابْنًا أُخِذَ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ وَإِنَّمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ‏.‏

وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ أَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَقَيْسٍ وَحَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ وَحُمَيْدٍ وَعُمَارَةَ عَنْ عَطَاءِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَحَمَّادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ خَمِيصَةٌ فَجَاءَ لِصٌّ فَانْتَزَعَهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ فَرَفَعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَقْطَعْهُ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ كُنْت تَرَكْتُهُ فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هُوَ سَمَاعٌ لَفْظًا مِنْ صَفْوَانَ أَمْ لاَ‏؟‏ فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ الْمُرَقَّعِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَطَاءً لَمْ يَأْخُذْهُ عَنْ صَفْوَانَ وَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ طَارِقٍ هَذَا عَنْ صَفْوَانَ وَإِنْ كُنَّا لاَ نَعْرِفُ طَارِقًا هَذَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ قِيلَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ لاَ دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ قَالَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَصِلَ إلَى شَيْءٍ حَتَّى أُهَاجِرَ إلَى الْمَدِينَةِ فَأَتَى الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَبَيْنَا هُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ رَأْسِهِ خَمِيصَةٌ لَهُ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏,‏ فَنَظَرْنَا هَلْ أَخَذَهُ طَاوُسٍ عَنْ صَفْوَانَ سَمَاعًا‏؟‏ فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا سَرَقَ خَمِيصَةً لِي لِرَجُلٍ مَعَهُ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ‏,‏ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي سِنِّ طَاوُسٍ مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ صَفْوَانَ سَمَاعًا مِنْهُ فَوَجَدْنَا وَفَاةَ صَفْوَانَ كَانَتْ بِمَكَّةَ عِنْدَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الْجَمَلِ وَوَجَدْنَا وَفَاةَ طَاوُسٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ وَسِنُّهُ يَوْمَئِذٍ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ صَفْوَانَ سَمَاعًا‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أُخْتِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ كُنْت نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى خَمِيصَةٍ لِي ثَمَنُ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي فَأَخَذَ الرَّجُلَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِهِ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ‏,‏ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْت أَتَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا‏,‏ أَنَا أَبِيعُهُ وَأَنْسَئُهُ ثَمَنَهَا‏,‏ فَقَالَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ وَكَانَ حُمَيْدٌ هَذَا مِمَّنْ لاَ يُعْرَفُ وَلَمْ يَجِدْ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ مِمَّا فِي أَسَانِيدِهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهَا غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ قَدْ احْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ كَمَا وَقَفْنَا عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُمْ لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ‏.‏

وَكَمَا وَقَفْنَا عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ عِنْدَهُمْ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَنِ‏,‏ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْبَيْعَ‏,‏ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لاَ يَقُومُ مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ فَغَنَوْا بِصِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ عَنْ طَلَبِ الإِسْنَادِ لَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ صَفْوَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمَّا احْتَجُّوا بِهِ جَمِيعًا غَنَوْا بِذَلِكَ عَنْ الإِسْنَادِ لَهُ‏,‏ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ لِصَفْوَانَ أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ إذْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ‏,‏ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ يُقْطَعُ وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَى مَا كَانَ مِنْ رَبِّ السَّرِقَةِ مِنْ الصَّدَقَةِ بِهَا عَلَى السَّارِقِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ سِوَاهُمَا وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ لَوْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ الإِمَامُ فَيَقُولُ الْحِجَازِيُّونَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا يُقْطَعُ وَيُوَافِقُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَيَقُولُ أَبُو يُوسُفَ لاَ يُقْطَعُ‏,‏ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لاَ يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ وُقُوعِ مِلْكِهِ عَلَى السَّرِقَةِ قَبْلَ أَنْ يُصَارَ بِهِ إلَى الإِمَامِ وَبَعْدَ أَنْ يُصَارَ بِهِ إلَيْهِ وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصَفْوَانَ أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ بِالْمَسْرُوقِ قَبْلَ أَنْ يُصَارَ بِهِ إلَى الإِمَامِ حُكْمُهُ خِلاَفُ حُكْمِ الصَّدَقَةِ بِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُصَارَ بِهِ إلَى الإِمَامِ وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصَفْوَانَ أَفَلاَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ مَعْنًى‏,‏ وَقَدْ وَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي السَّارِقِ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ عِنْدَ الإِمَامِ وَذَكَرَ لَهُ مِقْدَارَهَا وَسَرِقَتَهُ إيَّاهَا مِنْ حِرْزِهَا وَإِخْرَاجَهُ إيَّاهَا مِنْ ذَلِكَ الْحِرْزِ مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ عَنْهُ لاَ رَحِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْهُ فِيهِ رَبُّ السَّرِقَةِ وَيَخْتَلِفُونَ إذَا اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةُ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ‏,‏ وَيُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ سَرَقَهُ فَيَقُولُ قَائِلُونَ لاَ خُصُومَةَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ الَّذِي يَدَّعِي ذَلِكَ عَلَيْهِ رَبُّ الثَّوْبِ أَوْ مَنْ يَقُومُ فِيهِ مَقَامَهُ‏.‏

وَمِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ مَنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ كَانَ خَصْمًا لَهُ فِيهِ مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَكَانَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ هُوَ الْقَوْلُ الأَوَّلُ‏;‏ لأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى بِالسَّرِقَةِ لِغَائِبٍ‏;‏ وَلأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْضَ بِهَا لَهُ كَانَتْ فِي الْحُكْمِ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فَبَطَلَ أَنْ يُقْطَعَ فِيهَا لِذَلِكَ‏,‏ وَإِذَا خَاصَمَهُ فِيهَا مَالِكُهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهَا وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِمِلْكِهِ لَهَا وَسَرِقَتِهِ إيَّاهَا مِنْهُ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ بِالْقَطْعِ عَلَى سَارِقِهَا مِنْهُ وَأَغْنَى الإِمَامُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ قَامَتْ عِنْدَهُ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَى سَارِقِهَا كَقِيَامِهَا عَلَيْهِ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ بِسَرِقَتِهِ إيَّاهَا فَلَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى خُصُومَتِهِ إلَيْهِ فِيهَا وَكَانَتْ هِبَتُهُ إيَّاهَا لِسَارِقِهَا‏,‏ وَصَدَقَتُهُ بِهَا عَلَيْهِ‏,‏ وَمِلْكُهُ لَهَا مِنْ حَيْثُ مَا مَلَكَهَا لاَ يَرْفَعُ الْقَطْعَ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏